فصل: فصل وأما الولاء فمن لا عصبة لها بنسب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 الباب الثالث في أركان النكاح

وهي أربعة الركن الأول الصيغة إيجابا وقبولا فيقول الولي زوجتك أو أنكحتك ويقول الزوج تزوجت أو نكحت أو قبلت تزويجها أو نكاحها أو يقول الزوج أولا تزوجتها أو نكحتها فيقول الولي زوجتك أو أنكحتك ولا ينعقد بغير لفظ التزويج والإنكاح وفي انعقاده بمعنى اللفظين بالعجمية من العاقدين أو أحدهما أوجه أصحها الإنعقاد والثالث إن لم يحسن العربية انعقد وإلا فلا وإذا صححناه فذاك إذا فهم كل منهما كلام الآخر فإن لم يفهم فأخبره ثقة عن معنى لفظه ففي الصحة وجهان ولا يشترط اتفاق اللفظين منهما فلو قال زوجتك فقال الزوج نكحت أو قال أنكحتك فقال تزوجت صح ولا ينعقد بالكناية‏.‏

فرع إذا قال زوجتكها فليقل قبلت نكاحها أو تزويجها أو قبلت هذا النكاح فإن اقتصر على قبلت لم ينعقد على الأظهر وقيل قطعاً وقيل ينعقد قطعاً وإن قال قبلت النكاح أو قبلتها فخلاف مرتب وأولى بالصحة ولو قال زوجني أو أنكحني فقال الولي قد فعلت ذلك أو نعم أو قال الولي زوجتكها أو أنكحتكها أقبلت فقال نعم أو قال نعم من غير قول الولي أقبلت فقيل بالمنع قطعاً‏.‏

وقيل بطرد الخلاف وهو أقيس وفي نظائر هذه الصور من البيع ينعقد البيع وكذا لو قال بعتك كذا فقال قبلت ينعقد على الصحيح وحكى الحناطي فيه وجها‏.‏

فرع كتب بالنكاح إلى غائب أو حاضر إذا كتب بالنكاح إلى غائب أو حاضر لم يصح وقيل يصح في الغائب وليس بشىء لأنه كناية ولا ينعقد بالكنايات ولو خاطب غائبا بلسانه فقال زوجتك بنتي ثم كتب فبلغه الكتاب أو لم يبلغه وبلغه الخبر فقال قبلت نكاحها لم يصح على الصحيح وإذا صححنا في المسألتين فشرطه القبول في مجلس بلوغ الخبر وأن يقع بحضرة شاهدي الإيجاب قلت لا يكفي القبول في المجلس بل يشترط الفور والله أعلم‏.‏

فرع إذا استخلف القاضي فقيها في تزويج امرأة لم يكف الكتاب بل اللفظ على المذهب وحكى الحناطي وجهين وليس للمكتوب إليه اعتماد الخط على الصحيح‏.‏

فرع إذا قال للولي زوجني قال الولي زوجتك فإن قال الزوج بعده قبلت صح النكاح قطعاً وإلا فالمذهب والنص صحته أيضاً وقيل بطرد الخلاف السابق في البيع في مثله والخلع والصلح عن الدم والإعتاق على مال ينعقد بالإستيجاب والإيجاب على المذهب وبه قطع الجمهور‏.‏

فإذا قالت طلقني أو خالعني على ألف فأجابها الزوج طلقت ولزمها الألف ولا حاجة إلى قبول بعده وكذا لو قال العبد لسيده أعتقني على كذا فأجابه إليه أو قال من عليه القصاص صالحني على كذا فقال المستحق صالحتك عليه وقيل بطرد الطريقين في كل هذه العقود كالنكاح وأما الكتابة فكالعتق وقيل كالنكاح هذا كله إذا كانت صيغته زوجني أو خالعني وأعتقني ونحوها فلو قال الزوج قل زوجتكها قال الشيخ أبو محمد ليس هو باستيجاب لأنه استدعى اللفظ دون التزويج فإذا تلفظ اقتضى القبول ولو قال الولي أولا تزوج ابنتي فقال تزوجت فهو كما لو قال الزوج زوجني فقال الولي زوجتك هكذا قالوه وقد حكينا عن بعضهم المنع في البيع ويمكن أن يقال بمثله هنا ولو قال أتزوجني ابنتك فقال الولي زوجتك لم ينعقد إلا أن يقول الخاطب بعده تزوجت وكذا لو قال الولي أتتزوج بنتي أو تزوجتها فقال تزوجت لا ينعقد إلا أن يقول الولي بعده زوجتك لأنه استفهام ولو قال المتوسط للولي زوجته ابنتك فقال زوجت ثم أقبل على الزوج فقال قبلت نكاحها فقال قبلته صح على الأصح لوجود الإيجاب والقبول مترابطين ومنعه القفال لعدم التخاطب‏.‏

فرع تشترط الموالاة بين الإيجاب والقبول على ما سبق في البيع ونقل القاضي أبو سعد الهروي أن أصحابنا العراقيين اكتفوا بوقوع القبول في مجلس الإيجاب‏.‏

قلت الصحيح اشتراط القبول على الفور فلا يضر الفصل اليسير ويضر الطويل وهو ما أشعر بإعراضه عن القبول فهذا هو المعروف في طريقتي العراق وخراسان وما ادعاه الهروي عن العراقيين جملة لا يقبل والمشاهدة تدفعه والدليل يبطله فلا اغترار به والله أعلم‏.‏

فرع إذا وجد أحد شقي العقد من أحد العاقدين فلا بد من حتى يوجد الشق الآخر فلو رجع عنه لغا العقد وكذا لو أوجب ثم جن أو أغمي عليه لغا إيجابه وامتنع القبول وكذا لو أذنت المرأة في تزويجها حيث يعتبر إذنها ثم أغمي عليها قبل العقد بطل إذنها‏.‏

 فصل النكاح لا يقبل التعليق

كقوله إذا جاء رأس الشهر فقد زوجتك فلو أخبر بمولود فقال لجليسه إن كانت بنتا فقد زوجتكها أو قال إن كانت بنتي طلقها زوجها أو مات عنها وانقضت عدتها فقد زوجتكها أو لو كان تحته أربع نسوة فقال له رجل إن كانت ماتت إحداهن فقد زوجتك بنتي أو قال إن مات أبي وورثت هذه الجارية فقد زوجتكها وبان الأمر كما قدر لم يصح النكاح على المذهب وبه قطع الأكثرون وقيل وجهان كمن باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا قال البغوي ولو بشر ببنت فقال إن صدق المخبر فقد زوجتكها صح ولا يكون ذلك تعليقا بل هو تحقيق كقوله إن كنت زوجتي فأنت طالق وتكون إن بمعنى إذ قال وكذا لو أخبر من له أربع نسوة بموت إحداهن فقال لرجل إن صدق المخبر فقد تزوجت بنتك فقال ذلك الرجل زوجتكها صح وهذا الذي قاله البغوي يجب أن يكون مفروضا فيما إذا تيقن صدق المخبر وإلا فلفظ إن للتعليق‏.‏

فرع قال زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك على أن يكون بضع صداقا للأخرى فقبل الآخر أو قال زوجتك بنتي وتزوجت بنتك أو أختك على أن يكون بضع كل واحدة صداقا للأخرى فقال المخاطب تزوجت وزوجت على ما ذكرت فهذا نكاح الشغار وهو باطل للحديث الصحيح ولمعنى الإشتراك في البضع وقال القفال للتعليق والتوقف ولو قال كل واحد زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك وقبل الآخر ولم يجعلا البضع صداقا فوجهان أصحهما الصحة لأنه ليس فيه إلا شرط عقد في عقد وذلك لا يفسد النكاح فعلى هذا يصح النكاحئن ولكل واحدة مهر المثل والثاني لا يصح لمعنى التعليق والتوقف وخص الإمام الوجهين بما إذا كانت الصيغة هذه ولم يذكرا مهرا وقطع بالصحة فيما لو قال زوجتك بنتي بألف على أن تزوجني بنتك وفيما قاله نظر فعلى الوجه الأول لو قال زوجتك على أن تزوجني بنتك وبضع بنتك صداق لبنتي فقبل صح الأول وبطل الثاني ولو قال وبضع بنتي صداق لبنتك بطل الأول وصح الثاني وهذا نظر إلى معنى التشريك ولو سميا لهما أو لأحداهما مهرا مع جعل البضع صداقا بأن قال زوجتك بنتي بألف على أن تزوجني بنتك بألف وبضع كل واحدة صداق للأخرى أو قال على أن تزوجني بنتك وبضع كل واحدة صداق للأخرى أو قال زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك ويكون بضع كل واحدة وألف درهم صداقا للأخرى فوجهان أحدهما وهو ظاهر نصه في المختصر الصحة وأصحهما البطلان وهو نصه في الإملاء‏.‏

فرع قال زوجتك بنتي بمتعة جاريتك صح النكاح وفسد الصداق ولو قال زوجتك جاريتي على أن تزوجني بنتك وتكون رقبة جاريتي صداقا لبنتك قال ابن الصباغ صح النكاحان لأنه لا تشريك فيما يرد عليه عقد النكاح ويفسد الصداق ويجب لكل واحدة مهر المثل ويجيء على معنى التعليق والتوقف أن يحكم ببطلان النكاحين ولو طلق امرأته على أن يزوجه صاحبه بنته ويكون بضع امرأته صداقا لها وزوجه صاحبه على ذلك فهل يبطل النكاح أم يصح ويفسد الصداق وجهان حكاهما ابن كج عن ابن القطان‏.‏

قلت أفقههما الثاني والله أعلم‏.‏

ولو طلق امرأته على أن يعتق صاحبه عبده ويكون طلاق امرأته عوضا عن عتقه قال الحناطي يقع الطلاق ولا رجوع بالمهر على أحد وفي عتق العبد وجهان إن عتق فلا رجوع بقيمته وقال ابن كج عندي يقع الطلاق ويحصل العتق ويرجع المطلق على المعتق بمهر امرأته والمعتق على المطلق بقيمة عبده

 فصل النكاح الموقت باطل

سواء قيده بمدة مجهولة أو معلومة وهو نكاح المتعة وإذا وطىء في نكاح المتعة جاهلا بفساده فلا حد وإن علم فلا حد أيضاً على المذهب وحيث لا حد يجب المهر والعدة ويثبت النسب ولو قال نكحتها متعة ولم يزد على هذا حكى الحناطي في صحة النكاح وجهين قلت الأصح البطلان والله أعلم‏.‏

الركن الثاني المنكوحة ويشترط خلوها من موانع النكاح والكلام في الموانع مبسوط في مواضعها لا سيما باب الموانع فيقتصر هنا على عد تراجمها فمن الموانع أن تكون منكوحة أو معتدة عن غيره أو مطلقته بالثلاث ما لم تحلل أو ملاعنته أو مرتدة أو مجوسية أو وثنية أو زنديقة أو كتابية دخلت في دينهم بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعد تبديلهم على الأظهر أو تكون أمة والناكح حر واجد طول حرة أو غير خائف عنتا أو يكون بعضها أو كلها ملكا للناكح أو تكون محرما له أو خامسة أو يكون في نكاحه أختها وغيرها ممن لا يجمع بينها و بينها أو تكون محرمة بحج أو عمرة و ثيبا صغيرة أو تكون يتيمة لا جد له

 فصل يشترط في كل واحد من الزوجين أن يكون معينا

فلو قال زوجتك إحدى بنتي أو زوجت بنتي أحدكما أو أحد ابنيك لم يصح ولو كان له بنت واحدة فقال زوجتك بنتي صح وإن لم يسمها ولو كانت حاضرة فقال زوجتك هذه أو كانت في الدار فقال زوجتك التي في الدار وليس فيها غيرها صح ولو كان له بنت واحدة فقال زوجتك بنتي فلانة وسماها بغير إسمها صح النكاح على الأصح لأن البنتية صفة لازمة مميزة فاعتبرت ولغا الإسم كما لو أشار إليها وسماها بغير إسمها فإنه يصح قطعاً وقد يمنع هذه الصورة القائل الآخر والأصح الصحة فيهما حتى لو قال زوجتك هذا الغلام وأشار إلى بنته نقل الروياني عن الأصحاب صحة النكاح تعويلا على الإشارة ولو قال بعتك داري هذه وحددها وغلط في حدودها صح البيع بخلاف ما لو قال بعتك الدار التي في المحلة الفلانية وحددها وغلط لأن التعويل هنا على الإشارة ولو قال بعتك داري ولم يقل هذه وحددها وغلط ولم يكن له دار سواها وجب أن يصح تفريعا على الأصح في قوله زوجتك بنتي فلانة وغلط في اسمها وأما إذا كان إسم بنته الواحدة فاطمة فقال زوجتك فاطمة ولم يقل بنتي فلا يصح النكاح لكثرة الفواطم لكن لو نواها صح كذا قال به العراقيون والبغوي واعترض ابن الصباغ بأن الشهادة شرط والشهود لا يطلعون على النية وهذا قوي ولهذا الأصل منعنا النكاح بالكنايات ولو كان له بنتان فصاعدا اشترط تمييز المنكوحة بإسم أو إشارة أو صفة كقوله فاطمة أو هذه أو الكبرى قال المكتفون بالنية أو بأن ينويا واحدة بعينها وإن لم يجر لفظ مميز ولو قال بنتي الكبرى وسماها بإسم الصغرى صح النكاح على الكبرى على الوصف ويجيء على قياس الوجه المذكور في الواحدة أن يبطل النكاح وإذا لم يتعرض للكبر والصغر بل قال زوجتك بنتي فلانة وذكر إسم الكبيرة وقصد تزويجه الصغيرة أو بالعكس وقصد الزوج التي قصدها الولي صح النكاح على التي قصداها ولغت التسمية وفي الإعتماد على النية الإشكال السابق ولو قال الزوج قصدنا الكبيرة فالنكاح في الظاهر منعقد على الكبيرة وإن صدق الولي في أنه قصد الصغيرة لم يصح لأنه قبل غير ما أوجب هكذا ذكره العراقيون والبغوي المعتبرون للنية وهذا يخالف مسألة منقولة وهي أن زيدا خطب إلى قوم وعمرا إلى آخرين ثم جاء زيد إلى الآخرين وعمرو إلى الأولين وزوج كل فريق من جاءه قال ابن القطان وقعت في أيام أبي السائب ببغداد فأفتى الفقهاء بصحة النكاحين ومعلوم أن كل ولي أوجب لغير من قبل قلت ليست هذه المسألة مثلها والفرق أظهر من أن يذكر ومن فروع المسألة زوج رجل رجلا إحدى بنتيه فمات الأب وادعت كل واحدة عليه أنها زوجته أو ادعى هو على إحداهما وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في الباب الثاني عشر و الله أعلم‏.‏

الركن الثالث الشهادة فلا ينعقد النكاح إلا بحضرة رجلين مسلمين مكلفين حرين عدلين سميعين بصيرين متيقظين عارفين لسان المتعاقدين وقيل يصح بالأعميين وحكى أبو الحسن العبادي رحمه الله وجها أنه ينعقد بمن لا يعرف لسان المتعاقدين لأنه ينقله إلى الحاكم وأما المغفل الذي لا يضبط فلا ينعقد به وينعقد بمن يحفظ وينسى عن قريب وفي الأخرس وذي الحرفة الدنية والصباغ والصائغ وجهان وفي عدوي الزوجين أو أحدهما أوجه أصحها عند البغوي وهو المنصوص في الأم الإنعقاد والثالث ينعقد بعدوي أحدهما دون عدويهما واختاره العراقيون وفي ابنيهما وابني أحدهما وابنه وابنها هذه الأوجه وقيل يختص الخلاف بهذه الصورة وينعقد في العدوين قطعاً لأن العداوة في تزول وقيل ينعقد بابنيها وعدويه دون ابنيه وعدويها لأنه محتاج إلى الإثبات دونها ويجري الخلاف في جده وجدها وأبيه مع جدها وأما أبوها فولي عاقد فلا يكون شاهدا ولو وكل لم ينعقد بحضوره لأن الوكيل نائبه وكذا لو وكل غير الأب وحضر مع شاهد آخر لم ينعقد قال البغوي في الفتاوى لو كان لها إخوة فزوج أحدهم وحضر آخران منهم شاهدين ففي صحة النكاح جوابان وجه المنع أن الشرع جعل المباشر نائبا عن الباقين فيما توجه عليهم قلت الراجح منهما الصحة قال أصحابنا وينعقد بحضرة ابنيه مع ابنيها أو عدويه مع عدويها بلا خلاف لإمكان إثبات شقته و الله أعلم‏.‏

فرع ينعقد النكاح بشهادة المستورين على الصحيح وقال الإصطخري لا والمستور من عرفت عدالته ظاهرا لا باطنا وقال البغوي لا ينعقد بمن لا تعرف عدالته ظاهرا وهذا كأنه مصور فيمن لا يعرف إسلامه وإلا فظاهر من حال المسلم الإحتراز من أسباب الفسق قلت الحق قول البغوي وأن مراده من لا يعرف ظاهره بالعدالة وقد صرح البغوي بهذا وقاله شيخه القاضي حسين ونقله إبرهيم المروذي عن القاضي ولم يذكر غيره و الله أعلم‏.‏

ولا ينعقد بمن لا يظهر إسلامه وحريته بأن يكون في موضع يختلط فيه المسلمون بالكفار والأحرار بالعبيد ولا غالب وتردد الشيخ أبو محمد في مستور الحرية والصحيح الأول بل لا يكتفى بظاهر الإسلام والحرية بالدار حتى يعرف حاله فيهما باطنا هذا مقتضى كلام البغوي وغيره وفرقوا بأن الحرية يسهل الوقوف عليها بخلاف العدالة والفسق ولو أخبر عدل بفسق المستور فهل يزول الستر فلا ينعقد بحضوره وإن زال فيسلك به مسلك الرواية أم يقال هو شهادة فلا يقدح إلا قول من يجرح عند القاضي تردد فيهما الإمام قلت لو ترافع الزوجان إلى حاكم وأقرا بنكاح عقد بمستورين واختصما في حق زوجته كنفقة ونحوها حكم بينهما ولا ينظر في حال الشاهدين إلا أن يعلم فسقهما فلا يحكم فإن جحد أحدهما النكاح فأقام المدعي مستورين لم يحكم بصحته ولا فساده بل يتوقف حتى يعلم باطنهما ذكره الشيخ أبو حامد وغيره والله أعلم‏.‏

فرع لو بان الشاهد فاسقا حال العقد فالنكاح باطل على المذهب كما لو بان كافرا أو عبدا وإنما يتبين الفسق ببينة أو بتصادق الزوجين أنهما كانا فاسقين ولم نعلمهما أونسينا فسقهما فأما لو قالا علمنا فسقهما حينئذ أو علمه أحدنا فقال الإمام نتبين البطلان بلا خلاف لأنهما لم يكونا مستورين عند الزوجين وعليهما التعويل ولا اعتبار بقول الشاهدين كنا فاسقين يومئذ كما لا اعتبار بقولهما كنا فاسقين بعد الحكم بشهادتهما وكذا لو تقار الزوجان أن النكاح وقع في الإحرام أو العدة أو الردة نتبين بطلانه ولا مهر إلا إذا كان دخل بها فيجب مهر المثل فلو نكحها بعد ذلك ملك ثلاث طلقات ولو اعترف الزوج بشىء من ذلك وأنكرت لم يقبل قوله عليها في المهر فيجب نصف المسمى إن كان قبل الدخول وكله إن كان بعده ويفرق بينهما بقوله وفي سبيل هذا التفريق خلاف قال أصحاب القفال هو طلقة بائنة فلو نكحها يوماً عادت بطلقتين قالوا وهذا مأخوذ من نص الشافعي رضي الله عنه أنه لو نكح أمة ثم قال نكحتها وأنا واجد طول حرة بانت بطلقة وعن الشيخ أبي حامد والعراقيين أنها فرقة فسخ لا تنقص عدد الطلاق كما لو أقر الزوج بالرضاع وإلى هذا مال الإمام والغزالي وهؤلاء أنكروا نصه في مسألة الأمة ولإنكاره وجه ظاهر لأنه نص في عيون المسائل أنه إذا نكح أمة ثم قال نكحتها وأنا أجد طولا فصدقه مولاها فسخ النكاح بلا مهر فإن كان دخل فعليه مهر مثلها وإن كذبه فسخ النكاح بإقراره ولم يصدق على المهر دخل أم لم يدخل هذا لفظه وهو يوافق قول العراقيين‏.‏

قلت الأصح أو الصحيح قول العراقيين وحكى العراقيون وجها أنه يقبل قوله في المهر فلا يلزمه وعلى هذا قالوا إن كان اعترافه قبل الدخول فلا شيء عليه وإن كان بعده فعليه أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل ولا خلاف أنها إذا ماتت لا يرثها وإن مات قبلها فإن قلنا القول قوله ولم يكن حلف فيحلف وارثه لا يعلمه تزوجها بشهادة عدلين ولا إرث لها وإن قلنا القول قولها حلفت أنه عقد بعدلين وورثت ولو قالت عقدنا بفاسقين فقال بل بعدلين فأيهما يقبل وجهان الأصح قوله فإن مات لم ترثه وإن مات أو طلقها قبل الدخول فلا مهر لإنكارها وبعد الدخول لها أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل و الله أعلم‏.‏

فرع إستنابة المستورين قبل العقد إحتياط واستظهار وتوبة المعلن بالفسق حينئذ هل تلحقه والأصح المنع فإن ألحقنا فعاد إلى فجوره على قرب قال الإمام فالظاهر أن تلك التوبة تكون ساقطة قال وفيه احتمال‏.‏

فرع الإحتياط الاشهاد على رضى المرأة حيث يشترط رضاها لكنه ليس قلت ومن مسائل الفصل أنه لا يشترط إحضار الشاهدين بل إذا حضرا بأنفسهما وسمعا الإيجاب والقبول صح وإن لم يسمعا الصداق ولو عقد بشهادة خنثيين ثم بانا رجلين قال القاضي أبو الفتوح احتمل أن يكون في انعقاده وجهان بناء على ما لو صلى رجل خلفه فبان رجلا هذا كلامه والإنعقاد هنا هو الأصح لأن عدم جزم النية يؤثر في الصلاة و الله أعلم‏.‏

الركن الرابع العاقدان وهما الموجب والقابل فالقابل هو الزوج ومن ينوب عنه والموجب هو الولي أو وكيله ولا تصح عبارة المرأة في النكاح إيجابا و قبولا فلا تزوج نفسها بإذن الولي ولا بغير إذنه ولا غيرها لا بولاية ولا وكالة ولا يقبل النكاح لا بولاية ولا وكالة ولو وكل بنته بأن توكل رجلا بتزويجها فوكلت نظر إن قال وكلي عن نفسك لم يصح وإن قال وكلي عني أو أطلق فوجهان‏.‏

فرع روى يونس بن عبد الأعلى أن الشافعي رضي الله عنه قال‏:‏ في الرفقة امرأة لا ولي لها فولت أمرها رجلا حتى يزوجها جاز وليس هذا قولا في صحة النكاح بلا ولي لأن أبا عاصم العبادي حكى هذا النص في طبقات الفقهاء ثم ذكر أن من أصحابنا من أنكره ومنهم من قبله وقال إنه تحكيم والمحكم قام مقام الحاكم‏.‏

قلت ذكر صاحب الحاوي فيما إذا كانت امرأة في موضع ليس فيه ولي ولا حاكم ثلاثة أوجه أحدها لا تزوج والثاني تزوج نفسها للضرورة والثالث تولي أمرها رجلا يزوجها وحكى الشاشي أن صاحب المهذب كان يقول في هذا تحكم فقيها مجتهدا وهذا الذي ذكره في لتحكيم صحيح بناء على الأظهر في جواه في النكاح ولكن شرط الحكم أن يكون صالحا للقضاء وهذا يعتبر في مثل هذه الحال فالذي نختاره صحة النكاح إذا ولت أمرها عدلا وإن لم يكن مجتهدا وهو ظاهر نصه الذي نقله يونس وهو ثقة و الله أعلم‏.‏

فرع إذا وطىء في نكاح بلا ولي وجب مهر المثل ولا يعتقد تحريمه أو إباحته باجتهاد أو تقليد أو حسبان مجرد لشبهة اختلاف العلماء ولكن معتقد التحريم يعزر وقال الإصطخري وأبو بكر الفارسي والصيرفي يحد معتقد التحريم ولا مهر وهو ضعيف ولو رفع النكاح بلا ولي إلى قاض يصححه فحكم بصحته ثم رفع إلينا لم ننقض قضاءه على الصحيح وقال الإصطخري ننقضه ولو طلق فيل لم يقع فلو طلق ثلاثا لم يفتقر إلى محلل وقال أبو إسحق يقع ويفتقر إلى محلل احتياطا للإبضاع وهذا كوجهين ذكرهما أبو الحسن العبادي عن القفال أنها إذا زوجت نفسها هل للولي أن يزوجها قبل تفريق القاضي بينهما قال وبالمنع أجاب القفال الشاشي لأنها في حكم الفراش وهو تخريج ابن سريج‏.‏

فرع إذا أقرت حرة مكلفة بالنكاح فقولان الجديد الأظهر يقبل إقرارها مع تصديق الزوج بلا بينة لأن النكاح حقهما فثبت بتصادقهما كالبيع وغيره ولا فرق على هذا بين البكر والثيب ولا بين الغريبين والبلديين والقديم أنهما إن كانا غريبين ثبت النكاح وإلا طولبا بالبينة لسهولتها عليهما وللاحتياط فعلى الجديد هل يكفي إطلاق الإقرار أم يشترط أن يفصل فيقول زوجني به وليي بحضرة شاهدين عدلين ورضاي إن كانت معتبرة الرضى وجهان أصحهما الثاني ثم إذا أقرت وكذبها الولي فثلاثة أوجه أصحها يحكم بقولها لأنها تقر على نفسها قاله ابن الحداد والشيخ أبو علي والثاني لا لأنها كالمقرة على الولي قاله القفال والثالث يفرق بين العفيفة والفاسقة قاله القاضي حسين ولا فرق في هذا الخلاف بين أن تفصلا لإقرار وتضيف التزويج إلى الولي فيكذبها وبين أن تطلق إذا قبلنا الإقرار المطلق فقال الولي لا ولي لك غيري وما زوجتك ويجري الخلاف أيضاً في تكذيب الشاهدين إذا كانت قد عينتهما‏.‏

والأصح أنه لا يقدح تكذيبهما لاحتمال النسيان والكذب فإن قلنا تكذيب الولي يمنع قبول إقرارها فكان غائبا لم ينتظر حضوره بل تسلم إلى الزوج في الحال للضرورة فإن عاد وكذبها فهل يحال بينهما لزوال الضرورة أم يستدام وجهان رجح الغزالي الأول وغيره الثاني وإذا قلنا بالقديم فجرى الإقرار في الغربة ثم رجعا إلى الوطن ففي الحوالة بينهما الوجهان قال الإمام ولا شك أنه لو قضى قاض بالإقرار لم ينقض‏.‏

فرع أقر الولي بإنكاحها إن كان له إنشاء النكاح المقر به عند بغير رضاها قبل إقراره لقدرته على الإنشاء وحكى الحناطي وجها أنه لا يقبل حتى توافقه البالغة والصحيح الأول وإن لم يكن له الإنشاء بغير رضاها لكونه غير مجبر أو الحال غير حال الإجبار أو الزوج ليس بكفء لم يقبل إقراره ولو قال وهي ثيب كنت زوجتها في بكارتها لم يقبل واعتبر وقت الإقرار كذا أطلقه الإمام وهو الظاهر ويمكن جعله على الخلاف فيما لو أقر مريض لوارثه بهبة في الصحة‏.‏

فرع أقرت لزوج وأقر وليها المقبول إقراره لآخر فهل المقبول إقراره أم إقرارها فيه وجهان حكاهما أبو الحسن العبادي والحليمي عن القفال الشاشي والجودني‏.‏

فقبل قال المتولي يبنى انعقاد النكاح على أن كل واحد من الزوجين معقود عليه لأن بقاءهما شرط لبقاء العقد كالعوضين في البيع أم المعقود عليه المرأة فقط لأن العوض من جهته المهر لا نفسه ولأنه لا حجر عليه في نكاح غيرها معها فيه خلاف فعلى الثاني لا ينعقد وعلى الأول وجهان قال أبو عاصم وأبو سهل الأبيوردي ينعقد كما لو أضاف إليها ومنعه القاضي حسين لأنه غير معهود‏.‏

 الباب الرابع في بيان الأولياء وأحكامهم

وفيه ثمانية أطراف الطرف الأول في أسباب الولاية وهي أربعة السبب الأول الأبوة وفي معناها الجدودة وهي أقوى الأسباب لكمال الشفقة فللأب تزويج البكر الصغيرة والكبيرة بغير إذنها ويستحب استئذان البالغة ولو أجبرها صح النكاح فلو كان بين الأب وبينها عداوة ظاهرة قال ابن كج ليس له إجبارها وكذا نقله الحناطي عن ابن المرزبان قال ويحتمل جوازه فأما الثيب فلا يزوجها الأب إلا بإذنها في حال البلوغ والجد كالأب في كل هذا وحكى الحناطي قولا أن الجد لا يجبر البكر البالغة واختاره ابن القاص وأبو الطيب بن سلمة والمشهور الأول وسواء حصلت الثيوبة بوطء محترم أو زنا وحكي عن القديم أن المصابة بالزنا كالبكر والمذهب الأول ولو زالت بكارتها بسقطة أو أصبع أو حدة الطمث أو طول التعنيس أو وطئت في دبرها فبكر على الصحيح ولو وطئت مجنونة أو مكرهة أو نائمة فثيب على الصحيح ولو خطب البكر رجل فمنعها أبوها فذهبت وزوجت نفسها به ثم زوجها الأب غيره بغير إذنها إن كان الأول لم يطأها صح تزويج الأب وإلا فلا لأنها ثيب بوطء شبهة‏.‏

قلت إنما يصح تزويج الأب إذا لم يكن حكم بصحة نكاحها بنفسها حنفي ونحوه والله أعلم‏.‏

فرع إذا التمست البكر البالغة التزويج وقد خطبها كفء لزم الأب والجد إجابتها فإن امتنع زوجها السلطان وفي وجه لا تلزمه الإجابة ولا يأثم بالإمتناع لأن الغرض يحصل بتزويج السلطان وهو ضعيف ولو التمست صغيرة بلغت إمكان الشهوة قال بعضهم لزمه إجابتها قلت هذا ضعيف والله أعلم‏.‏

فرع عينت كفءا وأراد الأب تزويجها بكفء آخر كان له ذلك على قلت قال الشافعي رضي الله عنه أستحب للأب أن لا يزوج البكر حتى تبلغ ويستأذنها‏.‏

قال الصيمري فإن قاربت البلوغ وأراد تزويجها استحب أن يرسل إليها ثقات ينظرن ما في نفسها قال الصيمري ولو خلقت المرأة بلا بكارة فهي بكر ولو ادعت البكارة أو الثيوبة فقطع الصيمري وصاحب الحاوي بأن القول قولها ولا يكشف حالها لأنها أعلم قال صاحب الحاوي ولا تسأل عن الوطء ولا يشترط أن يكون لها زوج قال الشاشي وفي هذا نظر لأنها ربما أذهبت بكارتها بأصبعها فله أن يسألها فإن اتهمها حلفها و الله أعلم‏.‏

السبب الثاني عصوبة من على حاشية النسب كالأخ والعم وبنيهما فلا تزوج بها الصغيرة بكرا كانت أو ثيبأ وأما البالغة فإن كانت ثيبا فلهم تزويجها بإذنها الصريح وإن زوجت بغير رضاها لم ينعقد وإن كانت بكرا فلهم تزويجها إذا استأذنوها وهل يكفي سكوتها أم يشترط صريح نطقها وجهان أصحهما الأول وحكي وجه أنه لا حاجة للإستئذان أصلا بل إذا عقد بين يديها ولم تنكر كان رضى والصحيح الاشتراط وإذا اكتفينا بالسكوت حصل الرضى ضحكت أم بكت إلا إذا بكت مع الصياح وضرب الخد فلا يكون رضى وإذا أراد الأب تزويج البكر بغير كفء فاستأذنها فهل يكفي السكوت فيه الوجهان‏.‏

قلت ونقل الرافعي في آخر كتاب النكاح عن فتاوى القاضي حسين الجزم بصحة النكاح إذا استأذنها ولي في تزويجها بغير كفء فسكتت قال صاحب البيان قال أصحابنا المتأخرون إذا استأذن الولي البكر في أن يزوجها بغير نقد البلد أو بأقل من مهر المثل لم يكن سكوتها إذنا في ذلك و الله أعلم‏.‏

فرع قال أزوجك بشخص فسكتت قال بعض المتأخرين الأليق بمذهبنا أنه لا يكون رضى لأن الرضى بالمجهول لا يتصور‏.‏

ولك أن تقول هذا يخرج على أنه يشترط تعيين الزوج في الأذن والأصح أنه ليس بشرط فلا يضر الجهل إذا اكتفينا بالسكوت‏.‏

قلت هذا الذي أورده الرافعي هو الصواب و الله أعلم‏.‏

فرع قال أيجوز أن أزوجك فقالت لم لا يجوز أو قال أتأذنين لم لا آذن حكى بعضهم أنه ليس بإذن ولك أن تقول هذا مشعر برضاها فهو أولى من سكوتها قلت المختار أنه إذن و الله أعلم‏.‏

قالت وكلتك بتزويجي فالذي لقيناهم من الأئمة لا يعدونه إذنا لأن توكيل المرأة في النكاح باطل لكن المسألة غير مسطورة ويجوز أن يعتد به إذنا كما إذا فسدت الوكالة نفذ التصرف بالإذن‏.‏

قلت هذا عجب من الإمام الرافعي والمسألة منصوصة للشافعي قال صاحب البيان يجوز للمرأة أن تأذن لوليها غير المجبر بلفظ الإذن ويجوز بلفظ الوكالة نص عليه الشافعي رحمه الله لأن المعنى فيهما واحد فهذا هو الصواب نقلا ودليلا ولو أذنت له ثم رجعت لم يصح تزويجها كالموكل إذا عزل الوكيل فإن زوجها الولي بعد العزل قبل العلم ففي صحته وجهان بناء على بيع الوكيل و الله أعلم‏.‏

فرع في فتاوى البغوي أن التي يعتبر إذنها في تزويجها إذا قالت وهي في نكاح أو عدة أذنت لك في تزويجي إذا فارقني زوجي أو انقضت عدتي فينبغي أن يصح الإذن كما لو قال الولي للوكيل زوج بنتي إذا فارقها زوجها أو انقضت عدتها وفي هذا التوكيل وجه ضعيف أنه لا يصح وقد سبق في الوكالة وفيها أنه لو قيل للبكر رضيت بما تفعله أمك وهي تعرف أنهم يعنون النكاح فقالت رضيت لم يكن إذنا لأن الأم لا تعقد بخلاف ما لو قالت رضيت بما يفعل الولي ولو قالت رضيت بالتزويج بمن تختاره أمي جاز ولو قالت رضيت إن رضيت أمي لا يجوز ولو قالت رضيت إن رضي وليي فإن أرادت التعليق لم يجز وإن أرادت إني رضيت بما يفعله الولي كان إذنا وفيها لو أذنت في التزويج بألف ثم قيل لها عند العقد بخمسمائة فسكتت وهي بكر كان سكوتها إذنا في تزويجها بخمسمائة ولو قيل ذلك لأمها وهي حاضرة فسكتت لم يكن إذنا السبب الثالث الاعتاق فالمعتق وعصبته يزوجون كالأخ السبب الرابع السلطنة فيزوج السلطان بالولاية العامة البوالغ بإذنهن ولا يزوج الصغار ثم السلطان يزوج في مواضع أحدها عدم الولي الخاص الثاني عند غيبته الثالث عند إرادته تزوجها لنفسه الرابع عضله فإذا عضلها وليها بقرابة أو إعتاق واحدا كان أو جماعة مستوين زوجها السلطان وهل تزويجه في هذا الحال بالولاية أم النيابة عن الولي وجهان حكاهما الإمام فيه وفي جميع صور تزويج السلطان مع وجود أهلية الولي الخاص ثم إنما يحصل العضل إذا دعت البالغة العاقلة إلى تزويجها بكفء فامتنع فأما إذا دعت إلى غير كفء فله الإمتناع ولا يكون عضلا وإذا حصلت الكفاءة فليس له الإمتناع لنقصان المهر لأنه محض حقها ولا بد من ثبوت العضل عند الحاكم ليزوجها قال البغوي ولا يتحقق العضل حتى يمتنع بين يدي القاضي وذلك بأن يحضر الخاطب والمرأة والولي ويأمره القاضي بالتزويج فيقول لا أفعل أو يسكت فحينئذ يزوجها القاضي وكان هذا فيما إذا تيسر إحضاره عند القاضي فأما إذا تعذر بتعزز أو توار فيجب أن يجوز الإثبات بالبينة كسائر الحقوق وفي تعليق الشيخ أبي حامد ما يدل عليه وعند الحضور لا معنى للبينة فإنه إن زوج وإلا فعضل فرع سيأتي خلاف في أن السيد يزوج أمته بالملك أم بالولاية بالولاية صارت الأسباب خمسة

M0لرف الثاني في ترتيب الأولياء فتقدم جهة القرابة ثم الولاء ثم السلطنة ويقدم من القرابة الأب ثم أبوه ثم أبوه إلى حيث ينتهي ثم الأخ من الأبوين أو من الأب ثم ابنه وإن سفل ثم العم من الأبوين أو من الأب ثم ابنه وإن سفل ثم سائر العصبات والترتيب في التزويج كالترتيب في الإرث إلا في مسائل إحداها الجد يقدم على الأخ هنا المسألة الثانية الأخ للأبوين يقدم على الأخ للأب في الإرث وهنا قولان أظهرهما وهو الجديد يقدم أيضاً والقديم يستويان ويجري القولان في ابني الأخ والعمين وابني العم إذا كان أحدهما من الأبوين والآخر من الأب ولو كان ابنا عم أحدهما أخوها من الأم أو ابنا ابن عم أحدهما ابنها فقال الإمام هما سواء وطرد الجمهور القولين وقالوا الجديد يقدم الأخ والإبن ولو كان ابنا عم أحدهما من الأبوين والآخر من الأب لكنه أخوها من الأم فالثاني هو الولي لأنه يدلي بالجد والأم والأول بالجد والجدة ولو كان ابنا ابن عم أحدهما ابنها والآخر أخوها من الأم فالإبن هو المقدم لأنه أقرب ولو كان ابنا معتق حدهما ابنها فهو المقدم وبه قال ابن الحداد لكنه ذكر في التفريع أنه لو أراد المعتق نكاح عتيقته وله ابن منها وابن من غيرها لأنها تستحق الحرية بسببه زوجه ابنه منها دون ابنه من غيرها وهذا غلط عند جمهور الأصحاب لأن ابن المعتق لا يزوج في حياة المعتق وإنما يزوجه السلطان وإنما يزوج ابن المعتق بعد موته وهذا كله على الجديد وأما على القديم فيسوى بينهما في الصور‏.‏

قلت ولو كان ابنا عم أحدهما معتق فعلى القولين أو ابنا عم أحدهما خال فهما سواء بلا خلاف و الله أعلم‏.‏

المسألة الثالثة الإبن لا يزوج بالبنوة فإن شاركها في نسب كابن هو ابن ابن عمها فله الولاية بذلك وكذا إن كان معتقا أو قاضيا أو تولدت قرابة من أنكحة المجوس أو وطء الشبهة بأن كان ابنها أخاها أو ابن أخيها أو ابن عمها ولا تمنعه البنوة التزويج بالجهة الأخرى‏.‏

 فصل وأما الولاء فمن لا عصبة لها بنسب

وعليها ولاء فينظر إن رجل فولاية تزويجها له فإن لم يكن بصفة الولاية فلعصباته ثم لمعتقه ثم لعصبات معتقه وهكذا على ترتيبهم في الإرث وترتيب عصبات المعتق في التزويج كترتيب عصبات النسب إلا في ثلاث مسائل إحداها جدها أولى من أخيها وفي جد المعتق وأخيه قولان كارثهما بالولاء أظهرهما تقديم الأخ والثاني يستويان ولو اجتمع جد المعتق وابن أخيه فإن قدمنا الأخ على الجد قدمنا ابنه وإلا فيقدم الجد وقد حكينا في الإرث تفريعا على هذا القول وجها أنهما يستويان فيجوز أن يطرد هنا المسألة الثانية ابن المرأة لا يزوجها وابن المعتق يزوج ويقدم على أبيه لأن التعصيب له‏.‏

المسألة الثالثة إذا اجتمع أخو المعتق لأبويه وأخوه لأبيه فالمذهب القطع بتقديم الأخ للأبوين وقيل بطرد القولين كالنسب وقيل يستويان قطعاً أما إذا كان المعتق إمرأة فلا ولاية لها لعدم أهليتها فإن كانت حية فوجهان أحدهما قاله صاحب التلخيص يزوجها السلطان والصحيح أنه يزوجها من يزوج معتقها فيزوجها أبو المعتقة ثم جدها على ترتيب الأولياء ولا يزوجها ابن المعتقة ويشترط في تزويجها رضاها ولا يشترط رضى المعتقة على الأصح إذ لا ولاية لها وقيل يشترط فإن عضلت ناب السلطان عنها في الإذن ويزوج الولي فإن كانت المعتقة ميتة زوجها من له الولاء من عصبات المعتقة ويقدم الإبن على الأب وتعود الصور المذكورة في مفارقتهم عصبات النسب فيما إذا كان المعتق رجلا وحكي وجه أن الأب يقدم على الإبن بعد موت المعتقة ووجه أن الإبن يقدم على الأب في حياتها وهما شاذان‏.‏

فرع متى اجتمع عدد من عصبات المعتق في درجة كالبنين والأخوة فهم كالأخوة في النسب فإذا زوجها أحدهم برضاها صح ولا يشترط رضى الآخرين ولو أعتق الأمة اثنان اشترط رضاهما فيوكلان أو يوكل أحدهما الآخر أو يباشران العقد معا ولو أراد أحد المعتقين أن يتزوجها اشترط موافقة السلطان للآخر ولو مات أحدهما عن ابنين أو أخوين كفى موافقة أحدهما للمعتق الآخر ولو مات كل منهما عن ابنين كفى موافقة أحد ابني هذا أحد ابني ذاك ولو مات أحدهما ووارثه الآخر استقل بتزويجها‏.‏

فرع كان المعتق خنثى مشكلا ينبغي أن يزوجها أبوه بإذنه فيكون أو وكيلا إن كان الخنثى ذكراً

 فصل فيمن بعضها حر

خمسة أوجه أصحها يزوجها مالك البعض ومعه وليها القريب فإن لم يكن فمعتق بعضها وإلا فالسلطان والثاني يكون معه معتق البعض والثالث معه السلطان والرابع يستقل مالك البعض والخامس لا يجوز تزويجها أصلا لضعف الملك والولاية بالتبعيض M0لرف الثالث في موانع الولاية وهي خمسة‏.‏

المانع الأول الرق فلا ولاية لرقيق ويجوز أن يتوكل لغيره في قبول النكاح بإذن سيده قطعاً وبغير إذنه على الأصح ولا يصح توكيله في الإيجاب على الأصح عند الجمهور وقد سبق هذا في الوكالة‏.‏

المانع الثاني ما يسلب النظر والبحث عن حال الزوج وفيه صور ست إحداها الصبا والجنون المطبق يمنعان الولاية وينقلانها إلى الأبعد وفي الجنون المنقطع وجهان أصحهما أنه كالمطبق ويزوجها الأبعد يوم جنونه لبطلان أهليته والثاني لا يزيل ولايته كالإغماء فعلى هذا ينتظر حتى يفيق على الصحيح وقيل يزوجها الحاكم كالغيبة والخلاف جار في الثيب المنقطع جنونها فعلى رأي تزوج في حال جنونها وعلى رأي ينتظر إفاقتها لتأذن ولو وكل هذا الولي في إفاقته اشترط عقد وكيله قبل عود الجنون وكذا إذا أذنت الثيب يشترط تقدم العقد على عود الجنون قال الإمام وإذا قصرت نوبة الإفاقة جدا لم تكن الحال حال تقطع لأن السكون اليسير لا بد منه مع إطباق الجنون ولو أفا وبقيت آثار خبل يحمل مثلها ممن لا يعتريه الجنون على حدة في الخلق فهل تعود ولايته أم يستدام حكم الجنون إلى أن يصفو من الخبل فيه وجهان قلت لعل الثاني أصح و الله أعلم‏.‏

الصورة الثانية إختلال النظر لهرم أو خبل جبلي أو عارض يمنع الولاية وينقلها إلى الأبعد والحجر بالفلس لا يمنعها وبالسفه يمنعها على المذهب وقيل وجهان قلت وحكى الشاشي في المفلس وجها و الله أعلم‏.‏

الصورة الثالثة الإغماء الذي لا يدوم غالبا فهو كالنوم ينتظر إفاقته ولا يزوج غيره وإن كان مما يدوم يوماً أو يومين فأكثر فوجهان أحدهما نقل الولاية إلى الأبعد كالجنون وأصحهما المنع فعلى هذا قال البغوي وغيره تنتظر إفاقته كالنائم وقال الإمام ينبغي أن تعتبر مدته بالسفر فإن كانت مدة يعتبر فيها إذن الولي الغائب وقطع المسافة ذهابا ورجوعا انتظرت إفاقته وإلا فيزوج الحاكم ويرجع في معرفة مدته إلى أهل الخبرة الصورة الرابعة السكران الذي سقط تمييزه بالكلية كلامه لغو فإن بقي له تمييز ونظر فالمذهب أنه لا يزوج وتنتظر إفاقته الصورة الخامسة الأسقام والآلام الشاغلة عن النظر ومعرفة المصلحة تمنع الولاية وتنقلها إلى الأبعد نص عليه وأخذ به الأصحاب‏.‏

الصورة السادسة للأعمى أن يتزوج قطعاً وله أن يزوج على الأصح ويجري الخلاف في ولاية الأخرس الذي له كتابة أو إشارة مفهمج وقيل يزوج قطعاً فإن لم تكن مفهمة فلا ولاية له المانع الثالث الفسق فيه سبع طرق أشهرها في ولاية الفاسق قولان وقيل بالمنع قطعاً وقيل يلي قطعاً وقيل يلي المجبر فقط وقيل عكسه لأنه لا يستقل وقيل يلي غير الفاسق بشرب الخمر وقيل يلي المستتر بفسقه دون المعلن وأما الراجح فالظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه منع ولاية الفاسق وأفتى أكثر المتأخرين بأنه يلي لا سيما الخراسانيون واختاره الروياني‏.‏

قلت الذي رجحه الرافعي في المحرر منع ولايته واستفتي الغزالي فيه فقال إن كان بحيث لو سلبناه الولاية لانتقلت إلى حاكم يرتكب ما يفسقه ولي وإلا فلا وهذا الذي قاله حسن وينبغي أن يكون العمل به و الله أعلم‏.‏

فرع قال القاضي حسين والشيخ أبو علي وغيرهما ولاية الفاسق لمال ولده على الخلاف في وقطع غيرهم بالمنع وهو المذهب‏.‏

فرع سبق أن الإمام الأعظم لا ينعزل بالفسق على الصحيح وحينئذ في تزويجه بناته وبنات غيره بالولاية العامة وجهان تفريعا على أن الفاسق لا يلي أحدهما المنع كغيره ويزوجهن من دونه من الولاة والحكام وأصحهما أنه يزوج تفخيما لشأنه ولهذا لم يحكم بانعزاله‏.‏

فرع إذا تاب الفاسق قال البغوي في هذا الباب له التزويج في ولا يشترط مضي مدة الإستبراء والقياس الظاهر وهو المذكور في الشهادات اعتبار الإستبراء لعود الولاية حيث يعتبر لقبول الشهادة وسنفصله إن شاء الله تعالى‏.‏

فرع للفاسق أن يتزوج لنفسه على المذهب وبه قطع الجمهور وفي تعليق الشيخ ملكداذ القزويني عن القاضي أبي سعد وجه أنه ليس له التزويج إذا قلنا لا يلي‏.‏

فرع إذا قلنا الفاسق لا يلي فالولاية للأبعد على الصحيح وبه قطع الجمهور وحكى الحناطي وجها أنها للسلطان ثم الفسق إنما يتحقق بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة وليس العضل من الكبائر وإنما يفسق به إذا عضل مرات أقلها فيما حكى بعضهم ثلاث فرع إذا قلنا الفاسق لا يلي ففي أصحاب الحرف الدنية وجهان‏.‏

قلت المذهب القطع بثبوت ولايتهم قاله البغوي وغيره و الله أعلم‏.‏

المانع الرابع إختلاف الدين فلا يزوج المسلمة قريبها الكافر بل يزوجها الأبعد من أولياء النسب أو الولاء وإلا فالسلطان ولا يزوج الكافرة قريبها المسلم بل يزوجها الأبعد الكافر فإن لم يكن زوجها قاضي المسلمين بالولاية العامة فإن لم يكن هناك قاض للمسلمين فحكى الإمام عن إشارة صاحب التقريب أنه يجوز للمسلم قبول نكاحها من قاضيهم والمذهب المنع وهل يزوج اليهودي النصرانية يمكن أن يلحق بالإرث ويمكن أن يمنع ثم الكافر إما يلي تزويج قريبته الكافرة إذا كان لا يرتكب محرما في دينه فإن ارتكبه فتزويجه إياها كتزويج المسلم الفاسق بنته وعن الحليمي أن الكافر لا يلي التزويج وأن المسلم إذا أراد تزوج ذمية زوجه بها القاضي والصحيح أنه يلي‏.‏

فرع في فتاوى البغوي أنه يجوز أن يوكل نصرانيا أو مجوسيا في نكاح نصرانية ولا يجوز في قبول نكاح مسلمة ويجوز توكيل النصراني مسلما في قبول نكاح نصرانية ولا يجوز في قبول نكاح مجوسية لأن المسلم لا يجوز له نكاحها بحال بخلاف توكيل المعسر موسرا في تزويج أمة فإنه جائز لأنه يستبيحها في الجملة‏.‏

فرع المرتد لا ولاية له على مسلمة ولا مرتدة ولا غيرها من قلت لا يزوج مسلم كافرة إلا السلطان والسيد على الأصح وإذا زوج أمة موليته ولا يزوج كافر مسلمة إلا أمته و أم ولده على وجه قاله الفوراني و الله أعلم‏.‏

المانع الخامس الإحرام فإحرام أحد العاقدين أو المرأة يمنع إنعقاد النكاح وقيل إن كان العاقد الإمام أو القاضي فله التزويج لقوة ولايتهما والصحيح المنع وفي تأثير الإحرام وجهان أحدهما سلب الولاية ونقلها إلى الأبعد كالجنون وأصحهما أنه مجرد الإمتناع دون زوال الولاية لبقاء الرشد والنظر فعلى هذا يزوجها السلطان كما لو غاب وسواء الإحرام بالحج أو العمرة والصحيح والفاسد وقيل لا يمنع الفاسد وينعقد بشهادة المحرم على الصحيح وخالف الإصطخري وتصح الرجعة في الإحرام على الأصح ومن فاته الحج هل يصح نكاحه قبل التحلل فرع إذا وكل حلال حلالا في التزويج ثم أحرم أحدهما أو انعزال الوكيل وجهان أصحهما لا ينعزل فيزوج بعد التحلل بالوكالة السابقة وليس للوكيل الحلال أن يزوج قبل تحلل الموكل هذا هو المعروف في المذهب ونقل الغزالي في الوجيز فيه وجها ولم أره لغيره ولا له في الوسيط ولو وكله في حال إحرام الوكيل أو الموكل أو المرأة نظر إن وكله ليعقد في الإحرام لم يصح وإن قال لتزوج بعد التحلل أو أطلق صح لأن الإحرام يمنع الإنعقاد دون الإذن ومن ألحق الإحرام بالجنون لم يصححه ولو قال إذا حصل التحلل فقد وكلتك فهذا تعليق للوكالة وقد سبق الخلاف فيه وإذن المرأة في حال إحرامها على التفصيل المذكور في التوكيل ولو وكل حلال محرما ليوكل حلالا بالتزويج صح على الأصح لأنه سفير محض ليس إليه من العقد شيء واعلم أن وكيل المصلي يزوج بخلاف وكيل المحرم لأن عبارة المحرم غير صحيحة وعبارة المصلي صحيحة حتى لو زوجها في صلاته ناسيا صح النكاح والصلاة صلى الله عليه وسلم‏.‏

 فصل إذا لم يكن الولي الأقرب حاضراً

نظر إن كان مفقوداً لايعرف مكانه ولا موته وحياته زوجها السلطان لتعذر نكاحها من جهته وإن انتهى الأمر إلى غاية يحكم القاضي فيها بموته وقسم ماله بين ورثته على ما سبق في الفرائض انتقلت الولاية إلى الأبعد وإن عرف مكان الغائب فإن كان على مسافة القصر زوجها السلطان ولا يزوجها الأبعد وقيل يزوج الأبعد وعن القاضي أبي حامد إن كان من الملوك وكبار الناس اشترط مراجعته وإن كان من التجار وأوساط الناس فلا والصحيح الأول وإن كان دون مسافة القصر فأوجه أحدها كالطويلة وهو ظاهر نصه في المختصر وأصحها لا تزوج حتى يراجع فيحضر أو يوكل نص عليه في الإملاء والثالث إن كان بحيث يتمكن المبتكر إليه من الرجوع إلى منزله قبل الليل اشترطت مراجعته وإلا فلا‏.‏

فرع عن الشافعي رضي الله عنه أن السلطان لا يزوج من تدعي حتى يشهد شاهدان أنه ليس لها ولي حاضر وأنها خلية عن النكاح والعدة فقيل هذا واجب وقيل مستحب‏.‏

قلت الأصح أنه مستحب وبه قطع إبرهيم المروذي ذكره في آخر كتاب الطلاق و الله أعلم‏.‏

فعلى هذا لو ألحت في المطالبة ورأى السلطان التأخير فهل له ذلك وجهان ولا يقبل في هذا إلا شهادة مطلع على باطن أحوالها وإن كان الولي الغائب ممن لا يزوج إلا بإذن فقالت ما أذنت له فللقاضي تحليفها على نفي الإذن قلت قال الغزالي وللقاضي تحليفها أن وليها لم يزوجها في الغيبة إن رأى ذلك ومثل هذه اليمين التي لا تتعلق بدعوى هل هي مستحبة أم واجبة وجهان والله أعلم‏.‏

فرع إذا غاب الولي الأقرب الغيبة المعتبرة فالأولى للقاضي أن يأذن للأبعد أن يزوج أو يستأذن فرع في فتاوى البغوي أن القاضي إذا زوج من غاب وليها ثم بعد العقد بحيث يعلم أنه كان قريبا من البلد عند العقد لم يصح النكاح‏.‏

الطرف الرابع في تولي طرفي العقد فيه مسائل‏.‏

إحداها هل يتولى الجد طرفي تزويج بنت ابنه الصغيرة أو الكبيرة بابن ابن آخر مولى عليه فيه وجهان اختار ابن الحداد والقفال وابن الصباغ الجواز وصاحب التلخيص وجماعة من المتأخرين المنع قلت قال الرافعي في المحرر رجح المعتبرون الجواز و الله أعلم‏.‏

وإن منعنا فإن كانت بالغة زوجها السلطان بإذنها ويقبل الجد للإبن وإن كانت صغيرة وجب الصبر إلى أن تبلغ فتأذن أو يبلغ الصغير فيقبل كذا حكاه الشيخ أبو علي وغيره وذكر الإمام تفريعا على المنع أنه يرفع إلى السلطان ليتولى أحد الطرفين قال ثم يحتمل أن يتخير منهما ويحتمل أن يقال يأتي بما يستدعيه الولي وهذا مفروض فيما إذا كانت الولاية بسبب الجنون وإلا فغير الأب والجد لا يزوج الصغير ولا الصغيرة المسألة الثانية للعم تزويج بنت أخيه بابنه البالغ ولإبن العم تزويجها بابنه على المذهب فيهما هذا إذا أطلقت الإذن وجوزناه فإن عينته في الإذن جاز قطعاً لانتفاء التهمة وإن زوجها بابنه الطفل لم يصح على المذهب لأنه نكاح لم يحضره أربعة وليس له قوة الجدودة المسألة الثالثة إذا كان الولي ممن يجوز له نكاحها كابن العم والمعتق والقاضي وأراد نكاحها لم تجز تولية الطرفين ولكن يزوج ابن العم من في درجته فإن لم يكن فالقاضي وإن كان الراغب القاضي زوجه وال فوقه أو خرج إلى قاضي بلد آخر أو يستخلف من يزوجه إن كان له الإستخلاف وإن كان الراغب الإمام الأعظم زوجه بعض قضاته هذا هو الصحيح وفي الإمام وجه مشهور أنه يتولى الطرفين وفي القاضي وابن العم وجه أبعد ويجيء مثله في المعتق وحكي الوجه في القاضي عن أبي يحيى البلخي ولو أراد أحد هؤلاء تزويجها بابنه الصغير فكنفسه وحيث جوزنا لنفسه فذلك إذا سمته في إذنها فإن أطلقت وجوزنا الإطلاق فوجهان حكاهما الحناطي وفي فتاوى البغوي أنه لو أراد نكاح بنت عمه وهو وليها وهو غائب عنها زوجها به قاضي بلد المرأة لا قاضي بلد الرجل المسألة الرابعة من منعناه تولي الطرفين فوكل في أحدهما أو وكل شخصين فيهما لم يصح على الأصح لأن فعل الوكيل فعل الموكل وقيل يصح لوجود العدد وقيل يجوز للجد لتمام ولايته من الطرفين ولو وكل الولي رجلا ووكله الخاطب أو وكله في تزويجه لنفسه فتولى الطرفين لم يصح على الصحيح‏.‏

المسألة الخامسة زوج أمته بعبده الصغير وجوزنا له إجباره فهو كتولي الجد طرفيه‏.‏

المسألة السادسة ابنا عم أحدهما لأب والآخر لأبوين أراد الأول نكاحها يزوجه الثاني وإن أراد الثاني وقلنا هما سواء زوجه الأول وإلا فالقاضي‏.‏

المسألة السابعة قالت لابن عمها أو معتقها زوجني أو زوجني من شئت ليس للقاضي تزويجه بها بهذا الإذن لأن المفهوم منه التزويج بأجنبي‏.‏

وإن قالت زوجني نفسك حكى البغوي عن بعض الأصحاب أنه يجوز للقاضي تزويجه إياها قال وعند لا يجوز لأنها إنما أذنت له لا للقاضي‏.‏

قلت الصواب الجواز لأن معناه فوض إلى من يزوجك إياي و الله أعلم‏.‏

التوكيل بالتزويج جائز فإن كان الولي مجبرا فله التوكيل بغير إذنها على الصحيح وقيل يشترط إذنها حكاه الحناطي والقاضي أبو حامد فعلى هذا إن كانت صغيرة امتنع التوكيل فعلى الصحيح إذا وكل لا يشترط تعيين الزوج على الأظهر ولو أذنت الثيب في النكاح أو البكر لغير الأب والجد ففي اشتراط التعيين القولان وقيل لا يشترط قطعاً لأن الولي يعتني بدفع العار عن النسب بخلاف الوكيل قال الإمام وظاهر كلام الأصحاب يقتضي طرد الخلاف وإن رضيت بترك الكفاءة لكن القياس تخصيصه بمن لم ترض فأما من أسقطت الكفاءة فلا معنى لاشتراط التعيين فيها وإذا جوزنا التوكيل المطلق فعلى الوكيل رعاية النظر فلو زوج لغير كفء لم يصح على الصحيح وحكى ابن كج وجها أنه يصح ولها الخيار‏.‏

فإن كانت صغيرة خيرت عند البلوغ ولو خطب كفآن وأحدهما أشرف فزوج الآخر لم يصح وإذا جوزنا الإذن المطلق فقالت زوجني ممن شئت فهل له تزويجها غير كفء وجهان أصحهما عند الإمام والسرخسي وغيرهما نعم كما لو قالت زوجني ممن شئت كفءا كان أو غيره هذا كله إذا كان الولي مجبرا فإن كان غير مجبر لكونه غير الأب والجد أو كانت ثيبا ففيه صور إحداها قالت زوجني ووكل فله كل واحد منهما الثانية نهت عن التوكيل لا يوكل الثالثة قالت وكل بتزويجي واقتصرت عليه فله التوكيل وهل له أن يزوج بنفسه وجهان أصحهما نعم الرابعة قالت أذنت لك في تزويجي فله التوكيل على الأصح لأنه متصرف بالولاية ولو وكل من غير مراجعتها واستئذانها بالكلية لم يصح على الصحيح لأنه لا يملك التزويج بنفسه حينئذ والثاني يصح فعلى هذا يستأذن الولي أو الوكيل للولي ثم يزوج ولا يجوز أن يستأذن لنفسه ثم إذا وكل غير المجبر بعد إذن المرأة فهل يشترط تعيين الزوج إن أطلقت الإذن وجهان كما في توكيل المجبر قال الإمام وإذا عينت زوجا سواء شرطنا تعيينها أم لا فليذكره الولي للوكيل فإن لم يفعل وزوج الوكيل غيره لم يصح وكذا لو زوجه لم يصح على الظاهر لأن التفويض المطلق مع أن المطلوب معين فاسد وهذا كما لو قال الولي للوكيل بع مال الطفل بالعين فباع بالغبطة لم يصح‏.‏

فرع قالت أذنت لك في تزويجي ولا تزوجني بنفسك قال الإمام قال لا يصح هذا الإذن لأنها منعت الولي وجعلت التفويض للأجنبي فأشبه الإذن للأجنبي ابتداء‏.‏

فرع في فتاوى البغوي أنه إذا لم يكن ولي سوى الحاكم فأمر يستأذنها رجلا بتزويجها فزوجها الرجل بإذنها هل يصح النكاح يبنى على أن استنابة القاضي في شغل معين كتحليف وسماع شهادة يجري مجرى الإستخلاف أم لا إن قلنا نعم جاز قبل استئذانها وصح النكاح وإلا فلا يصح على الأصح كتوكيل الولي قبل الإذن‏.‏